الخميس، 25 أبريل 2013

سلطان الهند اورانك زيب قاهر الروافض والبوذيين



اورانك زيب قاهر البوذيين والروافض
الحاكم العادل , الهند 


هو الأسد الجسور ، والليث الهصور ، والإمام الهمام ، و أحد عمالقة الإسلام ، الذي أذل الكفر وزلزل الطغيان ، وقوَّض عروش أهل الإلحاد في ربوع مملكته والأوطان ، وحارب الفساد وأهله في كل مكان ، وأتى على بنيان الظلم والظلمة من القواعد حتى خرَّ عليهم السقف من فوقهم ! وأذاق المغرورين والمعاندين من كئوس المرار ما انشقّتْ له حلوقهم ! وأرغم الجبابرة على الانقياد لله والرسول ، و دقَّ حصون الزنادقة على رؤسهم بالعرض والطول ! وجعل المهانة والصغار على كل من أبى قبول الحق بعد أن أُقيمت عليه من الله الحجة ، وسلك بالمسلمين في أيامه سبيل الاستقامة وطريق المحجة ، فكان كالبدر المشرق فى سمائه ، والفيض المغدق بسلسبيل رُوَائه ، والناصح الأمين للخاص والعام ، والمجدد لهذا الدين أمره في سابق الأزمان وغابر الأيام ...

حتى لقَّبه الشيخ الأديب علي طنطاوي بـ : ( سادس الخلفاء الراشدين ) !

وكيف لا ؟ وهو العابد الساهر إذا أسبل الليل رداء ظلامه على الأنام ، والراكع الساجد في غسق الدجى والحارسون له نيام ! والبطل الكرار إذا طارت قلوب الشجعان في ساحة الوَغَى ، والفارس المغوار الذي تُجمُّ دونه الأُسُود إذا علمت أنه حلَّ بساحتهم وأتَى !

وما أرى أحدا في القوم يشبهه *** وما أُحاشي من الأقوام من أحد ؟

هذا الرجل الذي أقام العدل في زمانه حتى عبقت بذكره الأرجاء ، وانقادت له الممالك وخضعت حتى صار النصر له رفيقا وكأنه رياح الله تجري بأمره رخاء حيث يشاء !

ذاكم : هو السلطان العظيم ، و المجاهد الزاهد : أبو المظفر محي الدين محمد أُورانك زيب عالم كير، سلطان مملكة شبه القارة الهندية وما حواليها في القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر الهجري .


تاريخ ميلاده :


المولود في ( 15 من ذي القعدة 1028هـ = 24 من أكتوبر 1619م) 
تاريخ وفاته : والمتوفى في( : 28 من ذي القعدة 1118 هـ = 20 من فبراير 1707م )


وهو أحد أحفاد : تيمور لنك ! الطاغية المغولي الشهير !


ألقابه :
ُأورانْك زِيْب : معناها بالفارسية "زينة المُلك" ويقال أيضا : ( أوزبك زيب ) ، ويقال أيضا : ( أورنجزيب )


وعالمكير : معناها بالفارسية "جامع زمام الدنيا أو العالم"


وأبوه هو

: "السلطان شاه جيهانأحد أعظم سلاطين دولة المغول المسلمين فى الهند , وهو بانى مقبرة "تاج محل" الشهيرة التى تعد الآن من عجائب الدنيا السبع , والتي قد تم بنائها فى 20 عاما ! وعمل على إنشائها أكثر من 21.000 شخص ! فقد كان مفتونا بمحبة زوجته جدا ! حتى أنفق تلك الأموال في بناء ذلك الضريح الأعجوبة لها ! وخصص لنفسه في قصره : غرفة خاصة بها شرفة تطل على ضريح زوجته ! فكان يجلس الساعات الطوال ينظر إليها حتى أوشك أن يذهب عقله من حزنه عليها !



تولِّيه المُلْك والحكم في البلاد :


تولَّى زمام السلطنة المغولية بالهند عام 1069هـ1669م ، بعد معارك نازفة بينه وبين المفسدين من إخوته وأقاربه ! وكانوا يريدون الدنيا وزينتها ! ويأبى : ( أورانك زيب ) إلا إقامة العدل ونشر التوحيد . وخدمة الإسلام والمسلمين .


ولما جلس على عرش المملكة الهندية : بدأ يسير على منهاج النبوة الأولى في إقامة شائر الدين ، وإنصاف المستضعفين ، ورفع راية الجهاد على سائر المرتدين والمعاندين ، وأخذ الجزية من كفرة الهندوس وغيرهم ، مع القيام على حوائج الأرامل والثكالى والفقراء من المؤمنين ، كل هذا مع الزهد والعبادة ، ونشر العلم والعلوم بين سواد الناس .، والقضاء على كثير من البدع والخرافات التي كانت ذائعة في مملكته العريضة جدا !


فأبطل الاحتفال بالأعياد الوثنية مثل عيد النيروز وغيره ، كما منع عادة تقبيل الأرض بين يديه والانحناء له، ومنع الخطب الطويلة التى تقال لتحية السلطان واكتفى بتحية الإسلام, كما منع دخول الخمر إلى بلاده، وصرف أهل الموسيقى والغناء عن بلاطه !


وقد كان : ( أورانك زيب مع كونه ملكا عظيما : فقد كان عالما حنفيا جليلا ذا قدم راسخة في أصول مذهب الأحناف ، وبأمره أُلِّف كتاب : ("الفتاوى الهندية" ) ذلك الكتاب المشهور بين أهل العلم قاطبة ، وقد نُسب إليه بعد ذلك : فقيل عنه : (الفتاوى العالمكيرية ) يعني نسبة : إلى عالم كير ، وهو لقب السلطان : ( أورانك زيب ) كما مضى .
وقد كان شاعرا فصحيا أيضا ، مع المعرفة الواسعة بفنون الأدب والشريعة .

طرفا من شمائله وأخلاقه وعدله :


قال عنه المرادي في ترجمته من كتابه : « سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر »

: ( سلطان الهند في عصرنا، وأمير المؤمنين وإمامهم ،وركن المسلمين ونظامهم ، المجاهد في سبيل الله ، العالم العلامة الصوفي العارف بالله ، الملك القائم بنصرة الدين، الذي أباد الكفار في أرضه ، وقهرهم وهدم كنائسهم ، وأضعف شركهم ، وأيد الاسلام وأعلى في الهند مناره ، وجعل كلمة الله هي العليا ، وقام بنصرة الدين وأخذ الجزية من كفار الهند ،ولم يأخذها منهم ملك قبله لقوتهم وكثرتهم ! وفتح الفتوحات العظيمة ، ولم يزل يغزوهم ، وكلما قصد بلداً سلكها ، إلى أن نقله الله إلى دار كرامته وهو في الجهاد ، وصرف أوقاته للقيام بمصالح الدين وخدمة رب العالمين من الصيام والقيام والرياضة التي لا يتيسر بعضها لآحاد الناس فضلاً عنه ! وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ،وكان موزعاً لأوقاته : فوقت للعبادة ،ووقت للتدريس ، ووقت لمصالح العسكر ، ووقت للشكاة ، ووقت لقراءة الكتب والأخبار الواردة عليه كل يوم وليلة من مملكته ، لا يخلط شيئاً بشيء ! والحاصل إنه كان حسنة من حسنات الزمان ، ليس له نظير في نظام سلطنته ولا مُدانِ ، وقد ألُِّفتْ في سلطنته وحسن سيرته : الكتب الطويلة بالفارسية غيرها فمن أرادها فليطلع عليها ..... )

ثم قال : ( واشتغل بالمملكة من سنة ثمان وستين وألف ، وأراد الله بأهل الهند خيراً ؛فإنه رفع المظالم والمكوس وطلع من الأفق الهندي فجره ، وظهر من البرج التيموري بدره ،وفلك مجده دائر ، ونجم سعده سائر ، وأسر غالب ملوك الهند المشهورين ، وصارت بلادهم تحت طاعته ، وجُبِيَتْت إليه الأموال ، وأطاعته البلاد والعباد ، ولم يزل في الاجتهاد في الجهاد ، ولم يرجع إلى مقر ملكه وسلطنته بعد أن خرج منه ، وكلما فتح بلاد أشرع في فتح أخرى ، وعساكره لا يحصون كثرة، وعظمة وقوته لا يمكن التعبير عنها بعبارة تؤديها حقها ! والملك لله وحده ، وأقام في الهند : دولة العلم وبالغ في تعظيم أهله حتى قصده الناس من كل البلاد ، والحاصل : أنه ليس له نظير في عصره في ملوك الاسلام في حسن السيرة والخوف من الله سبحانه والجد في العبادة ....) .

وقال عنه المحبي في : « خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر » 
:

( وأورنك زيب : ممن يوصف :بـ الملك العادل الزاهد ،وبلغ من الزهد مبلغا أناف فيه على ابن أدهم [ يعني : إبراهيم بن أدهم الزاهد المشهور ]! 
فإنه مع سعة سلطانه : يأكل فى شهر رمضان رغيفا من خبز الشعير من كسب يمينه !ويصلى بالناس التراويح ، وله نعم بارَّة ، وخيرات دارَّة جدا ، وأمر من حين ولى السلطنة : بـ : رفع المكوس والمظالم عن المسلمين ، ونصب الجزية بعد أن لم تكن على الكفار، وتم له ذلك مع أنه لم يتم لأحد من أسلافه : أخْذُ الجزية منهم؛ لكثرتهم وتغلبهم على إقليم الهند ، وأقام فيها : دولة العلم ، وبالغ فى تعظيم أهله وعظمت شوكته ،وفتح الفتوحات العظيمة ، وهو مع كثرة أعدائه وقوتهم غير مبال بهم ، مشتغل بالعبادات ، وليس له فى عصره من الملوك نظير فى حسن السيرة والخوف من الله تعالى والقيام بنصرة الدين رحمه الله تعالى .....)

وقال عنه العلامة الأديب الشيخ علي طنطاوي في كتابه : « رجال من التاريخ » :

( ووفِّق إلى أمرين لم يسبقه إليهما أحد من ملوك المسلمين ) : - 
الأول : أنّه لم يكن يعطى عالما عطية أو راتبا إلا طالبه بعمل , بتأليف أو بتدريس , لئلا يأخذ المال ويتكاسل , فيكون قد جمع بين السيئتين , أخذ المال بلا حق وكتمان العلم !!
الثانى : أنّه أول من عمل على تدوين الأحكام الشرعية فى كتاب واحد , يُتخذ قانونا فوضعت له وبأمره وبإشرافه وتحت ناظره كتاب "الفتاوى الهندية – العالمكيرية" على المذهب الحنفى .....)

قلتُ : وبلغ من زهده وورعه : أنه كان يكتب بخطه المصاحف ويبيعها ويعيش بثمنها لما زهد فى أموال المسلمين وترك الأخذ منها !! 
وقد حرص شديدا : على بناء المساجد ، ودور العبادة ، وكذا بناء الأسوار والحصون العريقة المنيعة في مملكته .


وهذه صورة : أحد المساجد العتيقة التي قام هذا السلطان بتشييدها :


وهذه أيضا : صور بعض الحصون المنيعة التي أنشأها هذا السلطان المحارب المغوار



وفاته وانتقاله إلى الرفيق الأعلى :


وبعد : 52 سنة من حكمه على البلاد ، وبعد أن بلغ من العمر ما يربو على التسعين عاما ! من الجهاد والعدل والعبادة والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر : جاءه أمر الله الذي لا مردَّ له في : ( الثامن والعشرين من ذي القعدة 1118 هـ = 20 من فبراير 1707م ) فمات راضيا عن الله صابرا ... وكيف لا يرضى الله عنه ؟!

وقد ذكر بعضهم : أنه لما حين حضرته الوفاة : أوصى بأن يُدفن في أقرب مقابر للمسلمين ! وألا يعدو ثمن كفنه : خمس روبيات وحسب !

وهذه صورة قبره المتواضع ، الذي يرقد فيه ذلك الجسد ، وتلك الروح التي لم تعرف معنى الراحة إلا في رضى الله 
والرسول :



خاتمة :-

وبموت هذا الأسد الكاسر : غربت شمس المجد عن شبه المملكة الهندية حتى الآن ! وخرج الأنذال من جحورهم يزأرون ويَعْوون ! ويعيثون في الأرض الفساد كما كانو يعيثون ! وخطب الزنادقة على المنابر ! ومرق المارقون ، ونهض إلى البدع أولئك الناهضون ! وهتكتْ الأعراض ، وسفكت الدماء ! واسْتُحِلَّتْ المحارم ! وضرب الإلحاد بأطنابه في ربوع البلاد ! وجُعِلتْ الذلة والصغار على مسلمي العباد ! وجرتْ دمائهم في تلك الديار ، واغْتُصِبتْ نسائهم وبناتهم جهارا ! فيا للعار !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق